بلاد اليمن بلاد اليمن هي إحدى البلاد التي عرفت المدنيّة منذ القِدَم، حيث سكنها الإنسان وأقام بها مدنه وحضارته، ولذلك تُعتبر من البلاد التي تحمل طابع الأصالة والعراقة، إن كان في أصول أهلها، أو في طرازها، وبالرّغم مما عليه من أصالة في عرقها، إلاَّ أنّ حالها كحال أغلب البلاد التي نشطت فيها الحركة التجاريّة عبر العصور، فتعرّضت لاستيطانها من قِبَل الوافدين إليها، وأيضاً تعرّضت لرحيل بعض أهلها الحقيقيين .
أصول أهل اليمن - أشارت بعض الإحصاءات والدراسات عن الأصول التي ينتمي إليها أهل اليمن، ليتبيّن بأنّ حوالي خمسة وثمانين بالمئة هم من القبائل، وأغلب هذه القبائل هم؛ قبيلة همدان، وقبيلة كِندة، وأيضاً قبيلة حِميَر، وقبيلة مذحج، وأيضاً قبيلة حضرموت، وكلّ ما يتفرّع عنهم من بطون القبائل وأفخاذها، وإنّ أغلب القبائل الموجودة في اليمن منذ القديم، ليسوا من الأعراب بل هم من الحضر، إلاَّ أنّه يوجد بعض القبائل التي تعود لأصول بدويّة، ويقطنون في محافظة الجوف و في محافظة مأرب، وفي المنطقة الشماليّة من حضرموت حيث بادية الربع الخالي، وأيضاً في شبوة .
- أكّدت الدراسات على وجود مواطنين ينتمون لأصول مختلفة، إذ إنّ خمسة بالمئة من سكان اليمن يُعتقد بأنّهم يعودون لأصول إثيوبيّة، وهم يسكنون الأماكن الساحليّة، إذ إنه كان قديماً سلاطين اليمن والأثرياء فيها وأيضاً زعماء القبائل، يستقدمون الغلمان وأيضاً الجواري من بلاد الهند، حيث كانوا يشترونهم من هناك، أمّا الوصيفات فإنّهم كانوا يستقدمونهم من القرن الأفريقي.
- ونسبة المواطنين الذين يعودون في أصولهم من بلاد الترك، وأيضاً من شعوب الأرمن، ومن بلاد الأمازيغ، وأيضاً مصريين، فإنّها تشكل عشرة بالمئة من السكّان في اليمن، والتي كانت الأسباب في وجودهم في البلد قديماً أسباباً اقتصاديّة وأيضاً سياسيّة، إذ إنّ اليمن كانت فيما مضى تعتبر أحد أجزاء الإمبراطوريّة العثمانيّة، وكانت بعض مدنها كالحديدة وأيضاً عدن تمتازا بنشاطهما التجاري، ما دفع العديد من تجّار القسم الشمالي في أفريقيا، وعلى وجه الخصوص المصريّين، لأن يستقرّوا في هذه المدن، وقد ذابوا في بيئتهم ومجتمعهم، ولكن يُستطاع التعرّف إليهم، إذ إنّهم بشكل عام قد سكنوا المدن واستوطنوها، بينما أهل القبائل نجدهم يستقرّون في الأرياف، كالبادية اليمنيّة وأيضاً المرتفعات الجبليّة .
- جزيرة سقطرى: أمّا سكّان جزيرة سقطرى والتابعة لليمن، فإنّ سكّانها يشكّلون خليطاً، إن كان من المواطنين الأصليّين، أو من بعض القبائل اليمنيّة، وأيضاً نجد من تعود أصولهم لبلاد الهند، وهنالك أيضاً من بلاد اليونان، وبعض الأفارقة، ويُحكى بأنّ هذه الجزيرة كانت فيما مضى مأهولة فقط بسكّانها الأصليين، إلاَّ أنّ السبئيين قاموا باحتلالها، وجعلوها كمحطّة استراحة لما يمرّ بها من سفنٍ تجاريّة، لينزل بها أقوام عديدة؛ الهنود بالدرجة الأولى، وأيضاً من المبشّرين اليونانيين بالمسيحيّة، لتبقى فتراتٍ طويلةً وهي معتنقة المسيحيّة، حتّى تمّت السيطرة عليها من قِبل سلطنة المهرة، وأصبحت جزيرة مسلمة، وبذلك نجد أنّ الثقافة في جزيرة سقطرى وحتّى اللغة هي مزيج من ثقافات ولغات هذه الأصول، وقد انصهروا في الحياة اليمنيّة، ونجدهم يعملون بصيد السمك وأيضاً بتربية الماشية .
- أصول يمنيّة في شتّى بقاع العالم: تشير الدراسات إلى أنّ ما يقارب الخمسة مليون أندونيسي يعودون في أصولهم إلى حضرموت في بلاد اليمن، وهنالك أعداد لا بأس بها متوزّعة بين المناطق الجنوبيّة من الفلبين وأيضاً سنغافورة إضافة إلى ماليزيا، وقد ارتحلوا عن اليمن منذ القديم، وقاموا بتأسيس عدة مدن وسلطنات، كسلطنة بونتياناك الموجودة في أندونيسيا، وأيضاً سلطنة سولو الموجودة في القسم الجنوبي من الفلبين، وتُدلّ الوثائق القديمة والتي تعود للقرن التاسع الميلادي إلى وجود الحضارمة في القسم الجنوبي الشرقي من القارة الآسيويّة، حيث كانت تجارتهم مع هذه البقعة من العالم متبادلة .